أثينا قبل كاسيل

الرسالة القادمة من ماضي أوروبا وهي تردّد صداها في حاضرها، تنتج مقولة افتتاحية سياسية قويّة لدوكومنتا 14. كريستوس باريديس زار المعرض الدولي ووجد أن قرار افتتاحه هذا العام في أثينا قبل الافتتاح في كاسيل يفوق اعتباره مشروعًا كولونياليًا للمشهد الفني الألماني

 

Advertisement

Baudet-Etienne-after-Nicolas-Poussin-Landscape-with-Diogenes-1701-etching-engraving-Rijskmuseum.jpg

 إتيان بودي تعقيبًا على لوحة نيكولا بوسين منظر مع ديوغينيس 1701مكونستنتينوساريا، نقش، ريكسموزيوم، أمستردام
إتيان بودي تعقيبًا على لوحة نيكولا بوسين
منظر مع ديوغينيس 1701مكونستنتينوساريا، نقش

ريكسموزيوم، أمستردام



 

حين يصل الزائر الى رابع طوابق المبنى الفخم والعصري الذي يضم المتحف الوطني للفن المعاصر (EMST)، يمتد أمام عينيه منظر بانورامي لافت لكل أثينا. يمتد المنظر الى مسافة بعيدة حتى موقع الأكروبوليس الأثري وتل ليكابيتوس وصولاً الى الخليج الساروني جنوبًا. يقع الـ  EMST في مبنى معمل التخمير القديم FIX، الذي خططه وهندسه عام 1961 المصمم المعماري المعروف تاكيس زينيتوس (Zennetos). هذا المبنى الذي جرى ترميمه بعد نضالات واجهت الجهاز البيروقراطي، وأعمال بناء متواصلة، لم يُفتح بشكل رسمي، فيما عدا لبعض النشاطات الخاصة، ولم تزره بعد غالبية سكان أثينا. الواجهة الضخمة، المكشوفة، تطل على جادة سيغارو متعددة الطرقات، والتي تربط المركز التاريخي بالبحر. يقع بعد الجادة حي الطبقة الوسطى كوكاكي (Koukaki), الذي تبرز فيه مبانٍ سكنية بارتفاعات متوسطة تعود الى أواسط القرن الفائت، وكان حالها أفضل في السابق. احد المباني الواقع بالضبط مقابلFIX/EMST, يبدو خاويًا ومهجورًا تمامًا. أبواب الشرفات منزوعة في كل واحد من طوابقة السبعة. من الواضح تماما أن المبنى موجود على هذه الحال منذ سنوات طويلة. بمعنى ما، إن تدهور المبنى مشابه لتدهور اليونان في المنزلق الاقتصادي نحو مشاكل الركود. فالبلد يعيش في هذه الفترة انعدامًا للاستقرار الاقتصادي، الاجتماعي والسياسي، حيث يعاني من نسب فقر عالية، أزمة لاجئين، ضربات واملاءات اقتصادية قاسية، تقليصات، ويبدو وضعه عمومًا كأنه أمام طريق مسدود. وعلى الرغم من ذلك فإن سكان اليونان ينجحون في الصمود المعيشي. أهذا ما قصده المنظمون حين قرروا افتتاح دوكومنتا 14 في أثينا وليس في كاسيل، كما جرت العادة كل خمس سنوات؟ على نحو غير مفاجئ هذا هو الأمر بالضبط: الوضع الراهن في أثينا قد أثر على، وبلور المعرض الضخم متعدد الأوجه المعروض امام الجمهور الواسع منذ الثامن من نيسان هذا العام. 

تم في هذا اليوم افتتاح دوكومنتا 14 للمرة الأولى في التاريخ خارج المانيا. كان المتحدث المركزي في حفل الافتتاح رئيس اليونان (الجمهورية الهيلينية) بروكوفوس بافلوبولوس. وكان ضيف الشرف رئيس ألمانيا فرانك فولتير شتاينماير. عدد المدعوين الى حفل الافتتاح كان محدودًا، ولذلك لم يكن سوى بوسع قلة ان تفيد عن رد فعل السيد شتاينماير على معروضة تعبيرية جدًا وُضعت على مسافة أمتار معدودة من مدخل المبنى: حاوية معدنية مستطيلة مملوءة بالزيتون، للفنانة مارتا مينوحين (Minujin). هل كان هذا تعبيرا عن ايفاء دين أو دفعة مقدمة يدفعها اليونانيون لتغطية دينهم؟ هذا يعني بالتأكيد أن الزائر حطّ في مدينة تعيش أزمة اقتصادية، وبالتالي فكل الفنون التي ستشاهَد في العاصمة اليونانية ستعكس تلك الحقيقة بكل طريقة ممكنة. حقوق الملكية الفكرية للقرار المُلهم جدًا بافتتاح دوكومنتا 14 في أثينا قبل كاسيل، تعود كلها الى مديرها الفني، آدم زيمتشيك (Szymczyk).

 


d14_Marta_Minujin_Performance_©_Mathias_Voelzke-010LOWRES.jpg

مارتا مينوحين، دفع الدين اليوناني لألمانيا بالزيتون والفنون، 2017، معروضة
مارتا مينوحين، دفع الدين اليوناني لألمانيا بالزيتون والفنون، 2017، معروضة
EMST – المتحف الوطني للفن المعاصر، دوكومنتا 14

تصوير: ماتياس فولسكي



يرى الزائر عند مدخل الغاليري في الطابق الأرضي للمتحف الوطني للفن المعاصر (EMST)، لوحا نحاسيًا أصليًا صنعه الفنان إتيان بودي ( Baudet) تعقيبًا على لوحة نيكولا بوسين (Poussin) منظر مع ديوغينيس (Landscape with Diogenes). هذا العمل الذي يعود الى العام 1647 يصف الفيلسوف اليوناني على خلفية قصر بلفيدير (Belvedere) من عصر النهضة المتأخر في روما، واستخدمه الفاتيكان كخزينة للأعمال الفنية والمنتجات العتيقة. وهو في السياق اليوناني الكلاسيكي بارثينون بيريكليس، دار خزينة ضمت الأموال والضرائب التي دُفعت للحلف الديلي. ديوغينيس ينظر الى فتى يضم راحتي يديه ليشرب الماء، وهو يضع أرضًا ممتلكاته الوحيدة: كأس بسيطة ترمز الى الابتعاد عن كل الممتلكات المادية. هذه الصورة هي رسالة من ماضي أوروبا التي يتردد صداها اليوم، لتنتج بيانًا افتتاحيًا سياسيًا قويا للمعرض الهام.

ليس مألوفًا لمدينة مثل أثينا – مدينة أوروبية مهمة، ربما، وكذلك عاصمة وطنية، ولكنها ليست مدينة دوليّة أو محجّة من الناحية الفنية – أن تستضيف معرضًا ضخمًا كهذا، يمتد على ما لا يقل عن 47 موقعًا عامًا في أرجاء المدينة. لم يسبق للمشهد الفني في أثينا أن كان مشاركًا في حدث بهذه الضخامة. وبطبيعة الحال جذب الحدث عددًا كبيرًا جدًا من الزوار، وغالبيتهم ممن لم يشاهدوا من ذي قبل فنًا معاصرًا عالميًا. يمكن القول إن هذا إنجاز هام لأثينا. رئيس البلدية غيورغوس كامينيس، شارك شخصيًا ووفر كل الفضاءات والمباني الممكنة لاستخدام دوكومنتا 14. تشمل القائمة الطويلة ميادين وحدائق المدينة، المتاحف، الملاعب، جادات أعمدة مخفية ومنسية، مسارح، قاعات سينما في الهواء الطلق، متحف المقاومة الديمقراطية والمناهضة للدكتاتورية (حيث افتتح في تشرين الأول/أكتوبر الأخير The Parliament of Bodies, وهو برنامج عرض مخصص للدوكومنتا كان قيّمًا له الفيلسوف بول د. بريسيادو (Preciado)), مواقع أثرية قديمة مثل ساحة الأغوره، قاعة محاضرات أرسطو وكذلك أول مقبرة في أثينا، جامعة أثينا الزراعية وأكاديمية الفنون البصرية، أكاديمية الموسيقى، متحف بيناكي (Benaki) الرفيع، المتحف المسيحي البيزنطي، السينماتيك، ميغارون (Megaron) – قاعة أثينا للكونسيرتات، مكتبة غيناديوس (Gennadius) التابعة للمدرسة الأمريكية للدراسات الكلاسيكية، المتحف الأركيولوجي في بيريوس، والمزيد غيرها.



d14_Andreas_Angelidakis_Unauthorized_Athinaiki_Techniki_Polytechnio_8_©_Angelos_GiotopoulosCMYK.jpg

أندرياس أنغليداغيس, Athinaiki Techniki, , 2017, منظر تنصيب
أندرياس أنغليداغيس, Athinaiki Techniki, , 2017, منظر تنصيب
بوليتكنيكو 8, دوكومنتا14

تصوير: أنغلوس غيوطوبولوس

 

لا يتمتع قسم كبير من الفنانين الـ160 الذين يشاركون في المعرض باعتراف دولي واسع. جاء كثيرون بينهم من دول خارج غرب وشمال الكرة الأرضية. قسم منهم جدد وآخرون معروفون أكثر. جاءوا من دول كأفغانستان، ايران، العراق، اليمن، باكستان، منغوليا، الهند، ألبانيا، صربيا، روسيا، ودول أخرى من صحراء وغرب أفريقيا (مالي، الكاميرون، نيجيريا، الكونغو، والسنغال). قسم من الفنانين الأستراليين المشاركين في المعرض هم أبوريجيون – أصلانيون. هناك 17 فنانًا يونانيًا، من بين فنانين غربيين كثر، يتممون القائمة. وهي تشمل فنانين مثل أندرياس أنغليداغيس (Angelidakis), الذي عرض Athinaiki Techniki, مكتب يفحص المقاييس السيكو-تقنية لبناء أثينا، والواقع في المكتب التقني لوالد الفنان الراحل (الذي بنى أثينا الحديثة في خمسينيات وستينيات القرن الفائت)؛ أو أبوستولوس جيورجيو (Georgiou), الذي تزور الشخصيات التي رسمها قاعة كونسيرتات أثينا، ميغارون، وهو مبنى يجسد الفساد السياسي والاقتصادي في العقدين الأخيرين.

الفكرة الرائدة غالبًا سياسية ونقدية: إدانة للاستعمار، لنهج الرأسمالية الحديثة والمتأخرة عديمة الرحمة، للقضاء على الثقافات الأصلانية، للذاكرة الجامعية، لعنف الدولة، ومسك الختام إدانة التدمير البيئي. الرسم ليس الوسيط الأشد بروزًا في الدوكومنتا، بل ان التصوير، النحت، الفيديو وانشاءات الموسيقى والصوت بالذات هي التي تحظى بالتشديد، وكذلك العروض التي تجري في فضاءات لم يسبق أن استخدمت لهذا الغرض بالمرة.



d14_Apostolos_Georgiou_Untitled_2013_Megaron_©_Angelos_GiotopoulosLOWRES.jpg

 أبوستولوس جيورجيو, بدون عنوان, 2013, أكريليك على قماش
أبوستولوس جيورجيو, بدون عنوان, 2013, أكريليك على قماش
ميغارون، قاعة كونسيرتات أثينا، دوكومنتا 14

تصوير: أنغلوس غيوطوبولوس

 

المتحف الوطني للفن المعاصر هو اكبر فضاءات العرض، ويضم في داخله عددا هائلا من الأعمال التي تملي معًا طابع دوكومنتا 14. المواقع الثلاثة المركزية الاضافية هي مدرسة أثينا للفنون (ASFA)، الأكاديمية القومية للموسيقى، وبعثة بيريوس لمتحف بيناكي. دوكومنتا 14 وفقًا لبيانها تعرض "فرصة لبحث تواريخ لم تتم روايتها، لم تكتمل بعد أو تم التعتيم عليها، وللإستلهام من مناهج متحفية عصرية مثل تلك التي عرضها الفنانون". مثلما في أثينا القديمة، يحتاج الزائر الى التجوّل مطولاً من خلال التساؤل، وبذل بعض الجهد في البحث لغرض فك لغز دوكومنتا 14. يجب القيام بربط نقاط كثيرة وفحص الكثير من القصص من أجل اكتشاف الكل من خلال جميع أجزائه.

المبنى الذي تقع فيه مدرسة أثينا للفنون، في شارع بيريوس، كان في احدى المرات مصنع نسيج، وهو اليوم أحد أهم فضاءات العرض في الدوكومنتا. هذا الفضاء يستقبل الزائرين بلافتة للفنان الأسترالي غوردون هوكي (Hookey), والتي تعلن من فوق المدخل الرئيسي: “واحد في موما (MoMA)، ألوف في ساحة المعركة"، وهي جملة تسخر من المقولة اليونانية الشهيرة "واحد في التراب، ألوف في ساحة المعركة". تُعرض في قاعة العرض على اسم نيكوس كيسانليس (Kessanlis) في الأكاديمية، أعمال تتناول البيئة، النسوية والتربية التجريبية التي تمزج أشكال تدريس تشاركية وغير معهودة. كثير من الأعمال هي أعمال فيديو، ولكن هناك انشاءات ضخمة أيضًا. هناك ثلاثة أعمال تتابع مدارس ومواقع مركزية في المعرض: Amereida Phalène Latin South América (2017(), لسيوداد أبييرتا (Ciudad Abierta), وهو جزئيًا كومونة وتجربة تربوية بجزئها الآخر، من فلبارايسو، تشيلي (Matanzas  Sound Map (2017 لماريا مغدلينا كامبوس-بونس (Campos-Pons) ونيل ليونارد اللذين بحثا أنغام أصوات مدينة متانزاس الكوبية؛ وشنتينيكيتان (Shantiniketan), مدرسة ربندرانت طاغور (Tagore) من البنغال والتي تعرض من خلال عمل الراحل بنود بهاري مخرجي (Mukherjee).



d14_Maria_Magadelena_Campos_Pons_and_Neil_Leonard_Mantanza_Sound_Map_ASFA_©_Angelos_GiotopoulosLOWRES.jpg

ماريا مغدلينا كامبوس-بونس ونيل ليونارد, Matanzas Sound Map2017, إنشاء صوت ونحت
ماريا مغدلينا كامبوس-بونس ونيل ليونارد, Matanzas Sound Map2017, إنشاء صوت ونحت
مدرسة أثينا للفنون (ASFA), دوكومنتا 14, أثينا

تصوير: أنغلوس غيوطوبولوس

 

أكاديمية الموسيقى (Odeion Athinon) هي مبنى غير مكتمل البناء، من تخطيط المصمم المعماري الراحل يانيس ديسبوتوبولوس (Despotopoulos), وهو مشروع مثّل في ستينيات القرن الماضي أحد المشاهد الخلابة جدا في المعمار اليوناني إثر الحرب العالمية الثانية، ونبع من التفكير بسياسة ثقافية تقدمية. تقع أكاديمية الموسيقى في الطابق الأول، حيث تشغل الدوكومنتا 14 الفضاءات التحت-أرضية للمبنى، والتي شكلت في الماضي المتحف الوطني للفن المعاصر. يمكن هنا رؤية أو سماع أعمال أكندوفا أكنبيي (Akinbiyi), أوسكار مسوتا (Masotta), بياتريس غونزاليس (Gonzalez), أوركسترا سكراتش، كورنيليوس كارديو (Scratch Orchestra of Cornelius Cardew), باولين أوليفيروس (Oliveiros) وياني كريستو (Christou). مفهوم الاستمرارية (continuum) لدى الأخير، وهو ملحن يوناني حداثي وصوفي، وفّر الاطار التجريبي لورشات مشتركة المبدعين، الفنانين وطاقم عمل المعرض. كان الهدف في هذه الحالة التحليل المشترك لأعمال ملحنين مثل كريستو، أوليفيروس وأوركسترا سكراتش، بالاضافة الى جيل جديد من الفنانين.

إنهم يحاولون فحص "عادات التملّك، قدرات الصيانة، النشاطات السلطوية الفائضة عن الحاجة، ومتعة الاستهلاك". أحد المشاريع المركزية كان صيانة  EMS Synthi 100, جهاز دمج صوتي يدَوي نادر اقتنته مجموعة بحث للموسيقى من أثينا في السبعينيات المبكرة، ولم يستخدَم طيلة ما يزيد عن عشرين عامًا. ومع استعادته سيكون احد الأجهزة النادرة من نوعها التي لا تزال تعمل في العالم كله. هناك خمسة اعمال موسيقية تم طلبها سيتم عزفها بواسطة الجهاز في ميغارون، وذلك من خلال الربط ما بين تكنولوجيا الموسيقى التاريخية مع الجيل الجديد من منتجي الموسيقى الالكترونية.

 


d14_Miriam_Cahn_Installationview_Benaki_©_Stathis_MamalakisLOWRES.jpg

مريم كاهن، منظر تنصيب
مريم كاهن، منظر تنصيب
متحف بيناكي – فرع شارع بيريوس، أثينا، دوكومنتا 14

تصوير: ستاثيس ممالاكيس

 

جامع الفنون انطونيوس بيناكيس (Benakis), إبن عمانوئيل بيناكيس، الذي كان تاجرًا وسياسيًا من مواليد الإسكندرية، أقام متحف بيناكي، أحد أهم متاحف اليونان. وتستضيف أربعة فروع للمتحف معارض مفتوحة لجمهور الدوكومنتا 14: غاليري مجموعات الفنون الاسلامية في فرع كيراميكوس (Kerameikos), غاليري نيكوس حدجيكيرياكوس-غيكا  (Nikos Hadjikiriakos-Ghika Gallery), مركز مينتس (Mentis) لصيانة صناعة النسيج التقليدية، وفرع شارع بيريوس. يمكن العثور في الفترة الأخيرة، أيضًا، على سلسلة الرسومات بالفحم لمريم كاهن (Cahn) وعمل الانشاء اللافت لروعي روزين، عش ومُت كإيفا براون (Live and Die as Eva Braun) (1995-97). عمل ألحدجي سي (Sy) علم المتاحف الجديد (La nouvelle muséologie) (2017) يشمل موائد لحّامين، عظامًا، قواقع سلطعونات وأصداف، جذورًا، أوراق شجر، زجاجات، تربة، بذورًا، رمادًا، ماء والقناع الجديد (Le nouveau masque) (زيت على بليكسيجلاس وخشب, 2016). الى جانبه هناك عمل لتشيبومبا كاندا ماتولو (Matulu), الذي أنتج في السبعينيات سلسلة من 101 رسومات مثلت تاريخ شعبه الذي دمره الاستعمار وأعادت إنتاجه القوى العسكرية والامبريالية-الجديدة الاقتصادية. Anestis (فيديو رقمي تم تحويله من فيلم سوبر-8، 2017)، وهو فيلم صامت بالأسود والأبيض للفنان اليوناني كونستانتينوس هادجينيكولاو (Hadzinikolaou) يكشف اكتئابًا وميلانكوليا في صور بسيطة من الحياة اليومية. يحتوي الانشاء أيضًا على كتاب احمر بغلاف مقوّى شكّل مصدر وحي للفيديو.



d14_Roee_Rosen_Live_And_Die_As_Eva_Braun_Installationview__©_Stathis_MamalakisLOWRES.jpg

روعي روزين، عش ومُت كإيفا براون، مواد مختلطة على ورق، منظر تنصيب`
روعي روزين، عش ومُت كإيفا براون، مواد مختلطة على ورق، منظر تنصيب
متحف بيناكي – فرع شارع بيريوس، أثينا، دوكومنتا 14

تصوير: ستاثيس ممالاكيس

 

d14_El_Hadji_Sy_La_Nouvelle_Museologie_Benaki_©_Stathis_MamalakisLOWRES.jpg

عمل ألحدجي سي، علم المتاحف الجديد، 2017، مواد مختلطة منظر تنصيب
عمل ألحدجي سي، علم المتاحف الجديد، 2017، مواد مختلطة منظر تنصيب
متحف بيناكي - فرع شارع بيريوس، أثينا، دوكومنتا 14

تصوير: ستاثيس ممالاكيس

 

جامعة أثينا الزراعية، الواقعة في ايرا أودوس (Iera Odos), الطريق المقدسة القديمة التي تربط البوابة المقدسة في كرمايكوس بمعبد الإلهة دميتير في ميناء إلفسينا (ألوسيس)، تستضيف أبو بكر فوفانا (Fofana), فنان من مالي، إذ أدخل قطيعًا مؤلفًا من 54 غنمة ملونة بالأزرق النيلي الى حقل يقع في الجانب الآخر من إيرا أودوس، غنمة واحدة لكل دولة افريقية.

 



d14_Aboubakar_Fofana_Ka_Touba_Farafina_ye_Agricultural_University_Athens_©_Stathis_MamalakisLOWRES.jpg

 أبو بكر فوفانا، بركة أفريقية، (Ka touba Farafina yé), 2017, 54 خرفان، قارة افريقيا، أزرق نيلي، عشب وأشخاص
أبو بكر فوفانا، بركة أفريقية، (Ka touba Farafina yé), 2017, 54 خرفان، قارة افريقيا، أزرق نيلي، عشب وأشخاص
جامعة أثينا الزراعية، أثينا، دوكومنتا 14

تصوير: ستاثيس ممالاكيس

 

 

هضبة فيلوبابو حملت إسمها نسبة الى غايوس يوليوس أنطيوخوس إبيفانيس فيلوبابوس، وهو قنصل ورجل إدارة روماني عينه القيصر أدريان. قام المصمم المعماري اليوناني ديميتريوس بيكيونيس (Pikionis) في الخمسينيات بصيانة وإعادة تخطيط المنطقة، فأنتج منظومة طرق تصل بين الهضبة وبين الأكروبوليس، وأقام هناك مبنى أيضًا. بين الأعمال المختلفة هناك خيمة رخامية نحتتها الفنانة ريفكا بلمور (Belmore) تقع على قمة الهضبة وتطل على الأكروبوليس مباشرة.

 



d14_Rebecca_Belmore_Biinjiya_iin_Onji_Filopappou_Hill_©_Fanis_VlastarasLOWRES.jpg

ريفكا بلمور, من الداخل (Biinjiya'iing Onji)`
ريفكا بلمور, من الداخل (Biinjiya'iing Onji)
هضبة فيلوبابو, أثينا، دوكومنتا 14

تصوير: فانيس فلاستاراس

 

يشدد المعرض بقوة على السينما والموسيقى. السينمائي، الشاعر والكاتب الأسطوري يوناس ميكاس (Mekas) كان حاضرًا في العرض الخاص لأفلامه المبكرة، والذي تم تنظيمه على شرفه في أرشيف الأفلام اليونانية (Tainiothiki), في حين تم في مقبرة أثينا الأولى، تحت أشجار السرو والصنوبر وبين شواهد مقابر نيوكلاسيكية، حيث دُفن عدد من أشهر الشخصيات اليونانية، عرض عمل بوب ل. (Pope L.) بعنوان Whispering Campaign, وهو عمل تجريدي وبيئي معروض في مواقع مختلفة من المدينة، ينساب وينسجم في فضاء أثينا وكاسل وبنيتهما التحتية الحضرية خلال 2017. لقد درس بوب المدينتين بمساعدة سكان محليين ومتحدثي اللغتين وقام بصياغة دراسته في نسق معلومات يُروى همسًا فيما يشبه تاريخًا مصغرًا لمدينتي دوكومنتا 14.

 



d14_Pope_L_From_Whispering_Campaign_Cantina_Social_copyright_freddie_faulkenberryLOWRES.jpg

بوب ل. Whispering Campaign  2016-17, مواقع مختلفة، منظر تنصيب.
بوب ل. Whispering Campaign 2016-17, مواقع مختلفة، منظر تنصيب.
كانتينا سوشال، أثينا، دوكومنتا 14

تصوير: فريدي ف.

 

 

في ستوا تو فيفيليو (Stoa tou Vivliou), “جادة الكتب" في مركز أثينا، حيث توجد المتاجر المركزية الرائدة لدور النشر، يستضيف أحد الناشرين نسخًا بتقنية حفّ قلم الرصاص على الورق لأسطوانات رخامية، تم عليها نقش وثائق شركة يوغوأكسبورت، "شركة عمياء، غير منتمية، شفهية"، أسستها الفنانة إيرينا هايدوك (Haiduk) في الولايات المتحدة ومقرها بلغراد. بالتزامن، يُعرض في ليتسيوم أرسطو، الموقع الأثري للأكاديمية التي أسسها الفيلسوف الشهير، بوستكومودوتي (Postcommodity) عمل إنشاء صوتي. هذا موقع مدهش، يقع في قلب المدينة الحديثة، قرب معهد الموسيقى. مكبرات صوتية دقيقة  بدرجة عسكرية تعمل خلافًا لغايتها السلطوية، حيث تروي بواسطة الموسيقى قصص اقتلاع عنيف، هجرة ورحيل. قسم منها مغنّاة وأخرى محكية، في حين أن الأخرى تُنقل بواسطة الصمت فقط.

سيكون بالإمكان، حتى تموز 2017، الادعاء أن أثينا هي عاصمة الفن الأوروبية. لا يوافق الجميع على هذه المقولة. ترى مجموعة من السياسيين اليونانيين أن دوكومنتا 14 (وهي في الحقيقة امتياز وهدية للمدينة) مشروع استعماري للمشهد الفني في ألمانيا واجتياح نازي حديث للمدينة العريقة. وعلى الرغم من ذلك، فإن 1500 صحفي من كل العالم زاروا أثينا نهاية الأسبوع الذي افتتح فيه المعرض، بالإضافة الى مئات الفنانين، القيمين وجامعي الفنون. جميع الغاليريهات والمتاحف ساهمت في دوكومنتا 14. البرنامج الفني الأسبوعي للعروض، الكونسيرتات وحفلات الافتتاح كان غير مسبوق من ناحية ثرائه، وتجول فيه مشاهدون من كل الأجيال في كل أرجاء المدينة للاستمتاع بأكثر ما يمكن من الفنون. أخيرًا، يصعب تقييم درجة نجاح الدوكومنتا 14 في تجسيد الأزمات السياسية اليونانية والدولية والتعبير عنها (والى أية درجة غذّاها سياق أثينا) لكن، حاليًا، هذا حدث ضخم مشاهدته إلزامية.

 

 

يُعرض دوكومنتا 14 في مواقع مختلفة من أثينا حتى  16 تموز 2017.